الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل من المناسب أن نبدأ بما هو أخطر شيء ذكر عن هذا الرجل، وهو كونه يسب الله سبحانه وتعالى، وهذا من موجبات الكفر بالله تعالى، والخروج من ملة الإسلام؛ كما سبق وأن بينا في الفتوى: 244450، وكذا الرقم المحال عليه فيها.
فالواجب نصحه، ودعوته للتوبة والرجوع للإسلام. فإن تاب، فالحمد لله، وإلا لم يجز لزوجته تمكينه من نفسها، بل عليها مفارقته، ولترفع أمره إلى القضاء الشرعي. وللمزيد فيما يتعلق بأحكام زوجة المرتد، انظري الفتوى: 25611.
وأما كثرة السب للزوجة والضرب أحيانا، فعلامة جفاء طبع وغلظة وقساوة، وقد قال الله عز وجل: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. اهـ.
وقال السعدي: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ. وروى الترمذي عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم: خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي.
فأين هذا الزوج من هذه التوجيهات السامية، والمعاني النبيلة؟!! فمن يفعل مثل هذا، ينبغي أن ينصح ويذكر بالله تعالى، وأنه قادر على الانتقام لزوجته منه، كما قال تعالى: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}.
قال ابن كثير: تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي الكبير وليهن، وهو ينتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن. اهـ.
فإن انتفع الزوج بالنصح وانتهى، فذاك، وإلا فمن حق زوجته أن تطلب فراقه للضرر، ولتنظر الفتوى: 37112، والفتوى: 175947، ففيهما بيان مسوغات طلب الطلاق.
وللزوجة على زوجها المسكن المناسب والذي يليق بها، ولا يلزم أن يكون مالكا له، فلا بأس بأن يكون مستأجرا ونحو ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى: 197281.
والله أعلم.