الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وينفس كربك، ويصلح ما بينك وبين زوجك. ونوصيك بدعائه، والالتجاء إليه في جميع أمورك. فهو لا يخيب دعاء من رجاه، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
وإن كانت زوجتك في تعاملها معك على الحال الذي ذكرت من تعاليها عليك، وسبها لك؛ فهي امرأة ناشز، وكيفية علاج النشوز مبينة في الفتوى رقم: 26794، والفتوى رقم: 1103.
فإن صلح حالها بعد ذلك، واستقام الأمر، فالحمد لله، وإلا ففراق المرأة سيئة الخلق مستحب، روى الحاكم في المستدرك، والبيهقي في سننه، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يدعون الله، فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة، فلم يطلقها... الحديث.
قال المناوي تعليقًا على هذا الحديث: فإذا دعا عليها، لا يستجيب له؛ لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. اهـ. وهذا لا يعني أنه يجب عليك تطليقها، فإن رأيت الصبر عليها فلك ذلك.
قال ابن قدامة في المغني، مبينا أضرب الطلاق وما يعتريه من الأحكام الشرعية: .... والثالث: مباح، وهو عند الحاجة إليه؛ لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها، والتضرر بها من غير حصول الغرض بها.... اهـ.
ونوصيك بأن يكون عندك شيء من الحزم مع زوجتك، فلا تهن أمامها أو تضعف، فمن يهن يسهل الهوان عليه، فليكن منك الحزم مع اللين.
واعلم أن من حق زوجتك أن تكون في مسكن مستقل، ولا يلزمها أن تكون مع أقاربك في مسكن واحد، وكونهم في مسكن واحد غالبا ما يكون سببا للمشاكل، والذي ينبغي هو أن يكون هنالك احترام متبادل بين الأصهار، وشيء من حسن العشرة.
وكون زوجتك لها الحق في مسكن مستقل، لا يعني أن لها طرد أمك من البيت إن كنت أنت الذي تملكه، بل المقصود أن لها المطالبة بهذا المسكن، ثم إن هذا التصرف منها يتنافى مع ما أشرنا إليه من حسن معاشرة الأصهار، ويتنافى أيضا مع أدب الإسلام في احترام الكبير عموما.
وهذا فيما يتعلق بأمر زوجتك.
وأما هذا الرجل الذي وصفته بكونه دجالا، فقد أحسنت باجتنابك له، وإن كنت تخشى شيئا من ضرره، فاحرص على تحصين نفسك بالأذكار، وخاصة في الصباح والمساء، واستشعر الثقة بالله والتوكل عليه، فهو مالك نواصي العباد، وبيده النفع والضر، قال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {الأنعام:17}، وروى أحمد والترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك. ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام، وجفت الصحف.
والله أعلم.