الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإلحاد مبناه على إنكار وجود الخالق سبحانه وتعالى، ولا شك في كفر الملحد، وأنه خالد مخلد في النار أبدا، سواء كان إلحاده عن قناعة، أو كان تقليدا لغيره، أو كان عنادا وجحدا.
ولا يعذر كافر بأنه بحث عن الحق، فهداه عقله إلى هذا؛ لأن دلائل وجود الله تعالى، وحقية الإسلام، أوضح من الشمس لمن طلبها بصدق. فدعواه أنه اجتهد فأداه اجتهاده إلى غير ذلك، مكابرة.
قال علاء الدين البخاري في شرح أصول البزدوي: كما نعلم أَنَّ الرَّسُولَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَمَرَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، نَعْلَمُ ضَرُورَةً أَنَّهُ أَمَرَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالْإِيمَانِ بِهِ وَاتِّبَاعِهِ، وَذَمَّهُمْ عَلَى إصْرَارِهِمْ عَلَى عَقَائِدِهِمْ، وَلِذَلِكَ قَاتَلَ جَمِيعَهُمْ، وَكَانَ يَكْشِفُ عَنْ عَوْرَةِ مَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ لِيَقْتُلَهُ وَيُعَذِّبَهُ. وَنَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ الْمُعَانِدَ الْعَارِفَ مِمَّا يَقِلُّ، وَإِنَّمَا الْأَكْثَرُ مُقَلِّدُة اعْتَقَدُوا دِينَ آبَائِهِمْ، وَلَمْ يَعْرِفُوا مُعْجِزَةَ الرَّسُولِ وَصِدْقَهُ. وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى هَذَا مِمَّا لَا يُحْصَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [ص: 27]، {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [ص: 27] {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} [فصلت: 23]، {إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ} [الجاثية: 24]، {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ} [المجادلة: 18]، {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [البقرة: 10]. وَعَلَى الْجُمْلَةِ ذَمُّ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ الْكُفَّارِ مِمَّا لَا يَنْحَصِرُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ تَكْلِيفُ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْدَرُهُمْ عَلَى إصَابَةِ الْحَقِّ بِمَا رَزَقَهُمْ مِنْ الْعَقْلِ، وَنَصَبَ مِنْ الْأَدِلَّةِ، وَبَعَثَ مِنْ الرُّسُلِ الْمُؤَيَّدِينَ بِالْمُعْجِزَاتِ الَّذِينَ نَبَّهُوا الْغُفُولَ، وَحَرَّكُوا دَوَاعِيَ النَّظَرِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل.... وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَدِلَّةَ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ، وَكُلَّ مَا كَانَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، ظَاهِرَةٌ مُتَوَافِرَةٌ، فَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ فِيهَا بِالْجَهْلِ وَالْغَفْلَةِ. انتهى.
والله أعلم.