الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكل من تعجيل الفطر، وتأخير السحور، سنة، ولا إثم في ترك تعجيل الفطر، أو في ترك السحور، فليس ذلك من الوصال المنهي عنه، ولكنه خلاف السنة -كما ذكرنا-، قال في كشاف القناع: يسن تعجيل الإفطار إذا تحقق الغروب)؛ لحديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» متفق عليه... (و) يسن (تأخير السحور، ما لم يخش طلوع الفجر الثاني)؛ للأخبار، منها: ما روى زيد بن ثابت قال: «تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان بينهما؟ قال: قدر خمسين آية». متفق عليه؛ ولأنه أقوى على الصوم؛ للتحفظ من الخطأ، والخروج من الخلاف. انتهى.
والفطر يحصل تعجيله بأكل شيء يسير، أو شرب يسير من الماء عند غروب الشمس، والسحور يحصل كذلك بالشيء اليسير قبل الفجر، قال في شرح الإقناع: (وتحصل فضيلة السحور بأكل أو شرب، وإن قلَّ)؛ لحديث أبي سعيد: «ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء». رواه أحمد، وفيه ضعف. قاله في المبدع. (و) يحصل (تمام الفضيلة بالأكل)؛ لحديث عمرو بن العاص يرفعه: «بيننا وبينهم أكلة السحور». رواه مسلم. وروى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم سحور المؤمن التمر». انتهى.
إذا علمت هذا؛ فبإمكان صاحبك أن يفعل السنة، ولكن يتقلل من مقدار المأكول والمشروب بين غروب الشمس والفجر، ولو فعل ما ذكرت، فلا إثم عليه، لكن لا ينصح به لمخالفته للسنة.
وعليه أن يجتهد في الدعاء بأن يعينه الله تعالى على نفسه الأمّارة بالسوء، وأن يصحب الصالحين، ويشغل وقت فراغه بالنافع من الأقوال، والأفعال.
والله أعلم.