الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة التي تلفظت بها مجرد وعد لا يترتب عليه طلاق، ولا يلزم الوفاء به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى: الوعد بالطلاق لا يقع ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد ولا يستحب.
وجاء في حاشية البجيرمي على شرح المنهج: ... وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ بَدَلَ أَنْت طَالِقٌ: أُطَلِّقُك أَوْ طَلَّقْتُك لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ.
وعليه؛ فزوجتك في عصمتك لم تطلق، والواجب عليها طاعتك في الرجوع إلى بلدك، وامتناعها من الرجوع نشوز، وحضانة الأولاد لك ما لم ترجع زوجتك إلى بلدك، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وبما ذكرناه من تقديم الأب عند افتراق الدار بهما قال شريح ومالك والشافعي، وقال أصحاب الرأي: إن انتقل الأب فالأم أحق به، وإن انتقلت الأم إلى البلد الذي كان فيه أصل النكاح فهي أحق، وإن انتقلت إلى غيره فالأب أحق. اهـ وانظر الفتوى رقم: 118375.
وإذا طلقتها من غير أن تشترط عليها إسقاط شيء من حقوقها، فإنّ لها حينئذ مهرها كله معجله ومؤجله، وسائر حقوق المطلقة المبينة في الفتوى رقم: 20270.
والذي ننصحك به أن تسعى في استصلاح زوجتك، ولا تتعجل في طلاقها، وتوسط بعض الأقارب أو غيرهم من أهل الدين لينصحوها ويردوها للصواب، فإن رجعت وعاشرتك بالمعروف فذلك أفضل، وإن لم يفد ذلك وبقيت على نشوزها، فلك أن تضيق عليها، وتمتنع من طلاقها حتى تسقط لك بعض حقوقها أو جميعها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8649.
والله أعلم.