الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى العلي القدير أن يفرج عنك الهم، وينفس الكرب، وييسر لك جميع أمورك، إنه سميع مجيب.
فنوصيك بالالتجاء إليه في جميع أمورك. فما خاب من علق به رجاه، وهو من أمر بالسؤال، ووعد بالإجابة، فقال عز وجل: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، واحرصي أيضا على الذكر، وخاصة أدعية الكرب، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 70670.
وقد أحسنت حين حرصت على التحري في دين هذا الرجل وخلقه، ولا سيما في أمر الصلاة، فمن حافظ عليها يرجى منه أن يراعي الله عز وجل في خلقه، ومن ضيعها فلا يستغرب منه مثل هذه التصرفات السيئة التي ذكرتها عنه من اعتدائه عليك بالضرب، وهو نوع من الظلم، وراجعي الفتوى رقم: 69.
وبخله وعدم إنفاقه عليك، أمر محرم وإثم مبين، روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما، أن يضيع من يقوت.
ورخص الشرع للمرأة في هذه الحالة، أن تأخذ من مال زوجها ولو من غير علمه.
قال ابن قدامة: فإن منع النفقة من يساره، وقدرت له على مال، أخذت منه قدر كفايتها بالمعروف، لما روي: أن هندًا جاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله؛ إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه... اهـ.
وقد أساءت أمه إن كانت قد أثنت عليه خيرا في محافظته على الصلاة وفي المسجد، فهذا غش منها وخداع، وكان عليها أن تكون ناصحة كما أرشدت إلى ذلك السنة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «حق المسلم على المسلم ست». قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: « إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك، فانصح له....الحديث.
وإن صح ما ذكرت من أن أهله قد سجلوا الأرض التي اشتروها من مالك باسم زوجك، ولم تأذني لهم في ذلك، فهذا أمر منكر، ومن حقك رفع الأمر للقضاء للمطالبة بحقك، وكذا الحال في المال الذي أخذه منه زوجك مخادعا لك.
وليس لزوجك الحق في تهديدك بالرجوع إليه، أو أخذ الأولاد منك، فحضانتهم حق لك، ما لم تتزوجي، وإن تزوجت انتقلت حضانتهم لمن هي أحق بهم كأمك مثلا، وراجعي الفتوى رقم: 6256. وليس له بعد الخلع أن يرجع إليك إلا بعقد جديد، وبرضاك؛ لأن الخلع طلقة بائنة.
ولا يظهر لنا فما ذكرت أنك ظالمة له، بل أنت مظلومة، ودعاء المظلوم على الظالم جائز بقدر مظلمته، إلا أن العفو أفضل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 325300.
والله أعلم.