الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلم يثبت في الشرع - فيما نعلم- ما يدل دلالة صريحة على أن من مات بالجلطة خاصة يكون شهيدًا، ولا أن من مات مسافرًا يموت شهيدًا، وقد ورد حديث لا يصحح أهل العلم إسناده، يفيد أن الموت في الغربة شهادة، ففي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَوْتُ الْغَرِيبِ شَهَادَةٌ. رواه الطبراني، وقال عن إسناده الألباني: موضوع. ورواه ابن ماجه بلفظ: مَوْتُ غُرْبَةٍ شَهَادَةٌ. وضعفه الألباني أيضًا، وشعيب الأرناؤوط.
ولكن ورد فضلٌ آخر فيمن مات في غير مولده - ويدخل فيه المسافر الذي يموت في غير المكان الذي ولد فيه- وذلك ما رواه ابن ماجه، والنسائي، وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ فِي غَيْرِ مَوْلِدِهِ، قِيسَ لَهُ مِنْ مَوْلِدِهِ إِلَى مُنْقَطَعِ أَثَرِهِ فِي الْجَنَّةِ. وحسنه الألباني.
قيل: معناه: أَنه يعْطى لَهُ فِي الْجنَّة هَذَا الْقدر من مكان مولده إلى المكان الذي مات فيه؛ لأجل مَوته غَرِيبًا، وقيل: المُرَاد أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره مِقْدَار مَا بَين قَبره وَبَين مولده، وَيفتح لَهُ بَاب الْجنَّة.
والله تعالى أعلم.