الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فمن وقع عليه من الناس أذى بالسب أو الإهانة أو الضرب ونحوه، فله أن يتعامل مع ظالمه بواحد من ثلاث خيارات، إما العفو والصفح، وإما عدم العفو والصفح، وتأخير المقاصة ليوم القيامة، وإما الانتصار منه بالعدل، ومقابلة السيئة بمثلها. وقد بينا هذا بالتفصيل في الفتوى رقم: 54580. والعفو أفضل إلا إذا كان سيترتب عليه استطالة الظالم وإصراره على الظلم، فإن الانتصار أفضل حينئذ، جاء في كتاب بريقة محمودية: لَكِنْ قَدْ يَكُونُ الْعَدْلُ أَفْضَلَ مِنْ الْعَفْوِ بِعَارِضٍ مُوجِبٍ لِذَلِكَ مِثْلِ كَوْنِ الْعَفْوِ سَبَبًا لِتَكْثِيرِ ظُلْمِهِ لِتَوَهُّمِهِ أَنَّ عَدَمَ الِانْتِقَامِ مِنْهُ لِلْعَجْزِ ...اهـ باختصار.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: والعافين عن الناس ـ يعني: الذين إذا أساء الناس إليهم عفوا عنهم، فإن من عفا وأصلح فأجره على الله، وقد أطلق الله العفو هنا ولكنه بين قوله تعالى: فمن عفا وأصلح فأجره على الله ـ أن العفو لا يكون خيرا إلا إذا كان فيه إصلاح، فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد والطغيان على عباد الله، فالأفضل ألا تعفو عنه، وأن تأخذ بحقك، لأنك إذا عفوت ازداد شره، أما إذا كان الإنسان الذي أخطأ عليك قليل الخطأ قليل العدوان، لكن أمر حصل على سبيل الندرة، فهنا الأفضل أن تعفو. اهـ.
والله تعالى أعلم.