الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن ييسر أمركم، ويصلح حالكم.
والزوجة مطالبة شرعا بطاعة زوجها بالمعروف، وطاعتها لزوجها مقدمة على طاعتها لوالديها؛ كما هو مبين في الفتوى رقم: 19419. ويحرم عليها أن تخرج من بيتها بغير إذنه إلا لمسوغ شرعي، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 73341. ولو أن زوجتك خرجت طلبا للمسكن المستقل لكان سائغا؛ لأن هذا حق من حقوقها، ولا يلزمها أن تسكن مع والديك أو غيرهما إلا إذا كان ذلك في جزء مستقل تماما بمرافقه، وانظر للمزيد الفتوى رقم: 66191.
وأما أن تخرج لحضور حفل الزفاف، أو لمجرد تحريض أمها لها، فليس ذلك من حقها. وليس لوالديها التدخل بينكما إلا بما يدعو للإصلاح، وأما أن يحرضاها على الطلاق فهذا منكر عظيم وإفساد لها، وقد جاء في ذلك وعيد شديد، ففي الحديث الذي رواه أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. قال شمس الحق أبادي في عون المعبود مبينا معنى التخبيب: أي أفسدها بأن يزين إليها عداوة الزوج... اهـ.
ونوصي بالاستمرار في سبيل الإصلاح، فقد قال الله تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}، فإن تم ذلك فالحمد لله، وإلا فقد يكون الأفضل الفراق، وأن يذهب كل في سبيله، فالطلاق وإن كانت مفاسده أكثر في الغالب إلا أنه قد تترجح مصلحته أحيانا، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح، لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
وإن لم يكن الزوج هو المضر بالزوجة، فمن حق الزوج أن يمتنع عن تطليقها حتى تفتدي منه، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 93039.
وننبه إلى أن الحضانة حال قيام الزوجية حق للوالدين معا، وإن وقع الفراق فالأم أولى بالحضانة ما لم تتزوج أو يقم بها مانع، فتسقط عنها الحضانة، وتنتقل إلى غيرها، وراجع الفتوى رقم: 6256.
وننبه إلى أنه ليس من حق من له الحضانة من الوالدين أن يمنع الآخر من رؤية المحضون وزيارته، ولتراجع الفتوى رقم: 95544.
والله أعلم.