الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما استنشاق هذه المواد المذكورة فلا أثر له على صحة الصوم إذا كان ما يستنشق منها مجرد رائحة، ولم تكن لها أجزاء تدخل إلى الجوف، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: رائحة العطر لا تفطر حتى لو استنشق الإنسان هذا العطر، فإنه لا يفطر، لأنه لا يتصاعد إلى جسمه شيء سوى مجرد الرائحة، وأما البخور: فلا بأس أن يتطيب به الإنسان، ويطيب به ثوبه، ويطيب به رأسه، ولكن لا يستنشقه، لأنه إذا استنشقه تصاعد إلى جوفه شيء من الدخان، والدخان ذو جرم فيكون مثل الماء، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام للقيط: بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما. انتهى.
وبه يتبين الضابط في استنشاق الروائح، وأن ما كان منها ذا جرم لم يجز تعمد استنشاقه، لما يفضي إليه من دخول أجزاء منه إلى الجوف، وأن ما كان بخلاف ذلك مما استنشاقه مجرد استنشاق لرائحة، فلا يفسد به الصوم، ولتنظر الفتوى رقم: 55456.
وأما حكم استنشاق هذه المواد: فإن كان مضرا فهو محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه الدارقطني والحاكم وصححه.
وسبيل التخلص من هذا الأمر هو الاستعانة بالله تعالى، والاجتهاد في دعائه، ومجاهدة النفس، والصدق في الرغبة في التخلص من هذا الأمر، ومن استعان بالله أعانه، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}.
والله أعلم.