الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا هو واقع زوجك في تعامله معك، فهذا منه جفاء ولؤم، وسوء في الخلق والعشرة. ومن الظلم إهانته لك بالقهر، واعتداؤه عليك بالضرب، روى أبو داود عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تضربوا إماء الله». فجاء عمر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ذئرن النساء على أزواجهن. فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساء كثير يشكون أزواجهن فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- « لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم».
ورجل هذا حاله، خير لك فراقه، وللمرأة الحق في طلب الطلاق إذا كانت متضررة من بقائها مع زوجها، كما بينا في الفتوى رقم: 37112.
فاطلبي منه الطلاق، أو اعرضي عليه الخلع، فإن استجاب فذاك، وإلا فارفعي الأمر إلى أحد المراكز الإسلامية في ذلك البلد؛ ليرفع عنك الضرر.
ولا يجوز التحاكم إلى المحاكم الوضعية لغير ضرورة، فإن وجدت ضرورة بأن لم تكن هنالك مراكز إسلامية، أو وجدت، ولكن لا يمكنها أن تُلزم الزوج بحكمها، فيجوز التحاكم للمحاكم الوضعية؛ لترفع عنك الضرر، وما حكمت به، فاعرضيه على علماء المسلمين؛ لمعرفة مدى موافقته للشرع من عدمها.
ومن خلال ما ذكرت، يتبين أن أباك قد أخطأ من جهتين:
أولاهما: إجباره لك على الزواج ممن لا ترغبين فيه، وهذا التصرف غير سليم، وما حدث لك مع زوجك يعتبر من الثمار المرة لمثل هذا الإجبار.
وثانيهما: إلزامه لك بالبقاء مع زوجك مع ما تجدين معه من نكد وشقاء، وتهديده لك ببعض العواقب السيئة إن لم ترتضي ما يقول.
ولا تجب عليك طاعته في هذا الأمر، لأنه ليس من المعروف، والطاعة إنما تجب في المعروف. وضبط العلماء ذلك بكونها تجب فيما فيه مصلحة للوالد، ولا مضرة على الولد فيه، وراجعي كلامهم في الفتوى رقم: 76303.
والحال هنا أنه ليس للوالد مصلحة فيما يأمرك به، بل هو محض مضرة عليك، فإن خالفته لم تكوني عاقة له، وليس له الحق في التبرؤ منك، أو مقاطعتك، أو منعك من الميراث.
وعلى كل، اجتهدي في مداراته، ومحاولة كسب رضاه، والاستعانة عليه بالله عز وجل أولا، ثم بمن لهم وجاهة عنده من الأقرباء أو الأصدقاء.
والله أعلم.