الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في الاقتصار على بعض جمل الحديث، إذا كان ذلك لا يخل بالمعنى، والأولى أن ينبه على تجاوزه لبعض الجمل، فيقول إلى قوله كذا.
ويدل للجواز، قول كثير من أهل العلم بجواز الرواية بالمعنى بشروطها، إضافة إلى ما شاع من عمل الإمام البخاري بتقطيع الحديث، حيث يفرق جمل الحديث على الأبواب بحسب معناها.
قال ابن حجر في فتح الباري: البخاري يذهب إلى جواز تقطيع الحديث، إذا كان ما يفصله منه، لا يتعلق بما قبله، ولا بما بعده، تعلقاً يفضي إلى فساد المعنى. انتهى.
وقال السيوطي في كتابه (تدريب الراوي): اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ دُونَ بَعْضٍ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِاخْتِصَارِ الْحَدِيثِ، فَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا ... وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا، قِيلَ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَحْذُوفُ مُتَعَلِّقًا بِالْمَأْتِيِّ بِهِ، تَعَلُّقًا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى حَذْفُهُ، كَالِاسْتِثْنَاءِ، وَالشَّرْطِ، وَالْغَايَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ... وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ؛ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ غَيْرِ الْعَالِمِ، وَجَوَازُهُ مِنَ الْعَارِفِ إِذَا كَانَ مَا تَرَكَهُ مُتَمَيِّزًا عَمَّا نَقَلَهُ، غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِمَا رَوَاهُ، بِحَيْثُ لَا يَخْتَلُّ الْبَيَانُ، وَلَا تَخْتَلِفُ الدَّلَالَةُ فِيمَا نَقَلَهُ بِتَرْكِهِ، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ ذَلِكَ ...; لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ خَبِرَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ. اهـ.
والله أعلم.