الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام, فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين, وهي أول ما يسأل عنه العبد من أعماله، فإن صلحت فقد فاز وربح، وإن ضيعها فقد خاب وخسر، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}.
ومن المحافظة على الصلاة أداؤها في وقتها الشرعي، قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103}.
ومن تضييعها والتهاون بها تأخيرها عن وقتها، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}.
قال الإمام ابن كثير في تفسيره: ساهون ـ إما عن فعلها بالكلية، كما قاله ابن عباس، وإما عن فعلها في الوقت المقدر لها شرعًا, فيخرجها عن وقتها بالكلية, كما قاله مسروق, وأبو الضحى. انتهى.
ويعتبر الشخص المذكور آثمًا إذا كان قد أخّر الظهر, والعصر حتى خرج وقتهما, بل كان عليه الحرص أن يصليهما في وقتيهما, وله القصر, والجمع ما دام مسافرًا، وبخصوص ما يفعله هذا الشخص بعد وصوله, فإنه يقضى الظهر والعصر في وقت واحد, ويقضيهما تامتين من باب الاحتياط، وراجع تفصيل مذاهب أهل العلم في هذه المسألة, وذلك في الفتوى رقم: 179453.
ولا يجوز له قصر العشاء؛ لأن المسافر إذا رجع لبلده انقطع سفره, كما ذكرنا في الفتوى رقم: 98109.
لكن إذا كان وقت المغرب قد فات فإنه يصليها أولًا مراعاة للترتيب ثم يصلي العشاء.
والله أعلم.