الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على ثقتك بنا، ونسأل المولى تبارك وتعالى أن يفرج همك، ويكشف كربك، ويصلح لك زوجك، إن ربنا سميع مجيب. فنوصيك بالالتجاء والتضرع إليه، فإنه المجيب للمضطر، والكاشف للضر، كما أخبر عن ذلك في كتابه بقوله: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}، وهو سبحانه قادر على أن يلهم زوجك الصلاح والتقى، فقلوب العباد بين يديه يقلبها كيف يشاء.
ولا نستطيع الجزم بأن زوجك بمثل هذا التصرف يكون شاذا، ولكن تكفي مشاهدته هذه الصور -إن ثبت ذلك عنه- في الدلالة على نكارة فعله، وسوء تصرفه. والواجب عليه أنه يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا، وهي التوبة المستوفية لشروطها، والتي قد بيناها في الفتوى رقم: 29785. فذكريه بالتوبة، وخوفيه بالله تعالى، وبسوء عاقبة صنيعه، عسى أن يتوب. فإن فعل، فالحمد لله، وإلا فانظري في أمر فراقه، وطلب الطلاق منه، فلا خير في بقائك في عشرة مثله.
قال البهوتي الحنبلي: وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحب لها أن تختلع منه، لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.
ولمزيد الفائدة، انظري الفتوى رقم: 37112 وهي عن مسوغات طلب الطلاق. وإن كانت ثمة مصلحة تقتضي الصبر عليه، والبقاء في عصمته، فذلك أمر حسن.
وبخصوص ما تحسين به من ضيق وكرب، فنوصيك بالإكثار من ذكر الله، فبه يذهب القلق، وتهدأ النفس، قال الله عز وجل: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}، وهنالك أدعية وأذكار تتناسب مع هذا المقام، فأكثري من تكرارها، وتجدينها في الفتوى رقم: 70670.
وإذا احتجت إلى العلاج، فلك الخروج ولو من غير إذن زوجك، فلا حق له شرعا في منعك منه، ولكن يجب عليك مراعاة الضوابط الشرعية، ومن ذلك التداوي عند طبيبة ولو كافرة؛ فإنها مقدمة على الطبيب ولو كان مسلما، إلا لضرورة، أو حاجة شديدة، وفي حال التداوي عند الطبيب للعذر، لا يجوز لك تمكينه من الخلوة بك. ولا يحق لك الإخبار بما فعل زوجك إلا بالقدر الذي يحتاج إليه، وراجعي لمزيد الفائدة، الفتوى رقم: 239653، ورقم: 8107.
والله أعلم.