الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به أن تجتهدي في استصلاح زوجك، وإعانته على التوبة إلى الله مما يقع فيه من المنكرات التي أعظمها ترك الصلاة، فإن الصلاة أعظم أمور الدين بعد الإيمان، ولا حظ في الإسلام لمن تركها، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وتركها جحوداً يخرج من الملة بلا خلاف، وتركها تكاسلاً قد عدّه بعض العلماء كفراً مخرجا من الملة.
فإن تاب زوجك توبة صحيحة، وعاشرك بالمعروف، فعاشريه بالمعروف، واصفحي عما سلف.
أمّا إذا بقي على تلك الحال، فلا خير لك ولا لأولادك في البقاء معه، بل الخير في مفارقته، فالطلاق ليس شرّاً في كلّ الأحوال، بل قد يكون خيراً، قال تعالى : وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ {النساء:130} ، قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. الجامع لأحكام القرآن - (5 / 408)
وقال ابن القيم -رحمه الله- : قَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ مِنْ أَكْبَرِ النِّعَمِ الَّتِي يَفُكُّ بِهَا الْمُطَلِّقُ الْغُلَّ مِنْ عُنُقِهِ، وَالْقَيْدَ مِنْ رِجْلِهِ، فَلَيْسَ كُلُّ طَلَاقٍ نِقْمَةً، بَلْ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ مَكَّنَهُمْ مِنَ الْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ. زاد المعاد في هدي خير العباد (5/ 219)
وإذا طلقك فإن عليه نفقة أولاده المحتاجين للنفقة، ولا حق له في الامتناع من الإنفاق عليهم، إذا حصل نزاع في ذلك فمرده إلى المحكمة الشرعية.
واعلمي أنّ من يتوكل على ربه، ويحسن الظنّ به، فسوف يكفيه كلّ ما أهمه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}، وقال: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:3}
وننبهك إلى أنّ الانتحار جريمة شنيعة، وكبيرة من كبائر الذنوب، فاحذري من استدراج الشيطان لك، ومجاراته في تلك الوساوس. وراجعي الفتوى رقم : 10397.
والله أعلم.