الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أنّ طلاق الغضبان نافذ، ما لم يزل عقله بالكلية، قال الرحيباني –رحمه الله- في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ، وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ.
وقال البهوتي –رحمه الله- في شرح منتهى الإرادات: وكذا لا يقع طلاق من غضب حتى أغمي عليه، أو غضب حتى أغشي عليه؛ لزوال عقله، أشبه المجنون.
وعليه؛ فإن كنت طلقت زوجتك حال غضب شديد أفقدك وعيك، فلم تدر ما تقول، فطلاقك لغو غير نافذ.
وأمّا إذا كان الغضب لم يفقدك عقلك، فطلاقك نافذ، ويقع بقولك: "أنت طالق طالق طالق" طلقة واحدة إذا لم تكن أردت بها أكثر من طلقة، وفي المرة الثانية يقع بقولك: "أنت طالق" أو "أنت طلاق" طلقة أخرى، فيكون المجموع طلقتين.
وهذا الذي نفتي به هو قول جمهور أهل العلم، لكنّ بعض العلماء لا يوقع طلاق الغضبان إذا اشتد غضبه، ولو لم يزل عقله بالكلية، وراجع الفتوى رقم : 11566.
وعليه؛ فما دام في المسألة تفصيل وخلاف بين أهل العلم، فالذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم و دينهم.
واعلم أنّ الغضب مفتاح الشر، فينبغي الحذر منه، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير.
والله أعلم.