الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان قريبك قد اتهمك بالسوء دون بينة، فقد فعل منكراً محرماً، وظلمك ظلماً ظاهراً، والواجب عليه أن يتوب إلى الله، ويتحلل من هذا الظلم.
أمّا قطعك لهذا القريب إن كان من الأرحام الواجب صلتهم، فلا يجوز لمجرد ما صدر منه من إساءة، فالظاهر - والله أعلم- أن عليك صلته بالقدر الذي لا يعود عليك بالضرر.
فقد جاء في تفسير ابن كثير -رحمه الله-: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إِنَّ لِي ذَوِي أَرْحَامٍ، أَصِلُ وَيَقْطَعُونَ، وَأَعْفُو وَيَظْلِمُونَ، وَأُحْسِنُ وَيُسِيئُونَ، أَفَأُكَافِئُهُمْ؟ قَالَ: لَا، إِذَنْ تُتْرَكُونَ جَمِيعًا، وَلَكِنْ جُدْ بِالْفَضْلِ وَصِلْهُمْ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يَزَالَ مَعَكَ ظَهِيرٌ مِنَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، مَا كُنْتَ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 99359
وحيث كان هجرك له لحظّ النفس، وليس لمسوّغ شرعي، فإنّه يعرضك للوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ في ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. رواه مسلم.
أمّا إذا كانت مقاطعتك له لمسوّغ شرعي كزجره عن المعصية، فلا تكون حينئذ سبباً في الوعيد المذكور.
قال أبو داود -رحمه الله-: إذا كانت الهجرة لله، فليس من هذا بشيء. سنن أبي داود.
والله أعلم.