الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلمة إذا كان أصلها لا يتضمن مسبةً وذماً وفحشاً، ثم نقل العرف استعمالها حتى صارت تتضمن سباً أو قذفاً، فالمعتبر في قولها والمناداة بها: الحال والعرف والسياق، ففي حاشية الجمل: وأفتى الشيخ عز الدين بأن يا مخنث صريح للعرف. انتهى.
ومن المعروف أن تلك اللفظة كانت تعد عند الفقهاء من ألفاظ الكناية، لكن لما تغير استعمالها في العرف أفتى سلطان العلماء العز بن عبد السلام بأنها صريحة، وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح الزاد: قوله: وكنايته: يا قَحْبَة ـ هذه كناية لأن القحبة تطلق على المرأة العجوز، وتطلق على الكُحَّة ـ السعال ـ يقال: فيك قحبة، أي: كُحَّة، ومنه سميت الزانية قحبة، لأنها تكحكح تشير إلى نفسها ـ والعياذ بالله ـ فهذا سبب تسميتها قحبة، وهي عند الفقهاء كناية، لكن في عرفنا صريحة جداً. انتهى.
وقال العمراني في البيان: وإن قال لرجل: يا لوطي.. فقال القاضي أبُو الطيب والشيخ أبُو إسحاق: يُرجع إليه، فإن قال: أردت أنه على دين قوم لوط.. لم يجب عليه الحد، لأنه يحتمل ذلك، وإن قال: أردت أنه يعمل عمل قوم لوط.. وجب عليه الحد، قال ابن الصبَّاغ: وهذا فيه نظر، لأن هذا مستعمل في الرمي بالفاحشة، فينبغي أن لا يقبل قوله: إنِّي أردت أنه على دينهم، بل يكون قذفاً، وبه قال مالك.
وهو ما اختاره الإمام النووي ـ رحمه الله ـ فقد قال في روضة الطالبين: قلت: قد غلب استعماله في العرف لإرادة الوطء في الدبر، بل لا يفهم منه إلا هذا، فينبغي أن يُقطع بأنه صريح... وأما احتمال كونه أراد على دين قوم لوط صلى الله عليه وسلم، فلا يفهمه العوام أصلاً، ولا يسبق إلى فهم غيرهم، فالصواب الجزم بأنه صريح، وبه جزم صاحب التنبيه. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 300466.
والله أعلم.