الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما تلفظت به من التعهد بسداد الدين، يفهم منه الضمان عرفًا، فتكون ضامنًا؛ لأن كل لفظ يفهم منه الضمان عرفًا، ينعقد به الضمان عند بعض العلماء، جاء في كشاف القناع: (ويصح) الضمان (بلفظ) أنا (ضمين، وكفيل، وقبيل، وحميل، وصبير، وزعيم) بما عليه، يقال: قبل به، بكسر الباء، فهو قبيل، وحمل به حمالة، فهو حميل، وزعم به يزعم بالضم - زعمًا، وصبر يصبر - بالضم - صبرًا وصبارة: بمعنى واحد، وهو معنى كفيل.
(و) يصح الضمان أيضًا بلفظ: (ضمنت دينك، أو تحملته، وضمنت إيصاله، أو هو) أي: دينك (عليّ، ونحوه) من كل ما يؤدي معنى التزامه ما عليه (فإن قال) شخص: (أنا أؤدي) ما عليه (أو) أنا (أحضر) ما عليه (لم يصر ضامنًا) بذلك؛ لأنه وعد، وليس بالتزام (وقال الشيخ: قياس المذهب يصح) الضمان (بكل لفظ فهم منه الضمان عرفًا مثل) قوله: (زوجه، وأنا أؤدي الصداق، أو) قوله: (بعه وأنا أعطيك الثمن، أو) قوله: اتركه ولا تطالبه، وأنا أعطيك ما عليه (ونحو ذلك) مما يؤدي هذا المعنى؛ لأن الشرع لم يحد ذلك بحد، فرجع إلى العرف، كالحرز، والقبض. اهـ.
وفي الفقه الإسلامي وأدلته: تنعقد الكفالة بصيغة معينة، وألفاظها عند الحنفية، والشافعية: إما صريح، أو كناية: وهي كل لفظ ينبئ عن العهدة في العرف، والعادة. اهـ.
وحيث صح الضمان، فليس لك فسخه، إلا أن يبرئك المضمون لهم من الضمان، فإن الضمان عقد لازم من جهة الضامن، والكفيل لا يحق له فسخه إلا بإذن المضمون لهم، قال الزركشي -في تقسيم العقود باعتبار الجواز واللزوم-: الرابع: لازم من أحد الطرفين، جائز من الآخر قطعًا، كالضمان، والكفالة جائزان من جهة المضمون له، دون الضامن. اهـ. باختصار من المنثور في القواعد الفقهية.
ومن أحكام الضمان: أن للمضمون له مطالبة الضامن، ولو كان المضمون عنه قادرًا على الوفاء، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى أن الدائن المكفول له، يستطيع أن يطالب الكفيل بأداء الدين عند حلوله، دون أن يتقيد بتعذر مطالبة الأصيل المكفول عنه، كما يستطيع أن يطالب الأصيل به عند حلول أجله عليه؛ لأن ذمة كل منهما مشغولة بالدين جميعه، فكان له مطالبة أيهما شاء اجتماعًا وانفرادًا. اهـ.
فإذا صح الضمان، فللمضمون عنهم مطالبتك بوفاء الدين.
وأما إن كان من صدر منك من تعهد لا يقتضي الضمان في العرف، وإنما هو من باب الوعد، فإن الوعد غير ملزم، ولا يجب الوفاء به عند جماهير العلماء، بل هو مستحب، كما سبق في الفتوى رقم: 17057.
والله أعلم.