الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم أو سبه، فهو كافر لا يستحق دخول الجنة، بل هو من المخلدين في النار؛ كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: والذي نفس محمد بيده؛ لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار.
فلا بد من الإيمان بالله تعالى وجميع رسله، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا { النساء:150ـ 152}.
وقال القاضي عياض في كتابه الشفاء: اعلم -وفقنا الله وإياك- أن جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه، أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عّرَّض به، أو شبهه بشيء، على طريق السب له أو الإزراء عليه، أو التصغير لشأنه، أو الغض منه والعيب له، فهو ساب له، والحكم فيه حكم الساب يقتل، كما نبينه، ولا نستثني فصلا من فصول هذا الباب على هذا المقصد، ولا نمتري فيه تصريحا أو تلويحا، وكذلك من لعنه أو دعا عليه أو تمنى له أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه، على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور، أو عيره بشيء مما جرى من البلاء أو المحنة عليه، أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة، والمعهودة لديه، وهذا كله إجماع العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ إلى هلم جرا.
قال أبو بكر ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل، وممن قال ذلك: مالك بن أنس، والليث، وأحمد، وإسحاق، وهو مذهب الشافعي. انتهى.
والله أعلم.