الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أخوك على هذه الحال التي ذكرت من الإساءة إلى أمّه، والتطاول عليها، فهو مرتكب لمعصية من أعظم المعاصي، وذنب من أكبر الذنوب، والواجب عليك أمره ببرّ أمّه، ونهيه عن عقوقها، وينبغي أن تخوفيه عاقبة العقوق في الدنيا والآخرة، وتعرّفيه بحقّ أمّه عليه، ووجوب برّها، وعظم الأجر على الإحسان إليها، وهذا من أعظم أنواع صلة الرحم الواجبة لأخيك.
وإذا رأيت أنّ هجرك له يردعه عن العقوق، ويرده إلى الصواب، فاهجريه.
وأما إن رأيت أنّ صلته مع مداومة نصحه أنفع له، فلا تهجريه، وداومي على نصحه بحكمة ورفق.
واعلمي أنه ينبغي للمؤمن أن يتسع قلبه رحمة ورأفة للعصاة، ويرجو لهم الهداية والتوبة، مع إنكاره للمنكر، وبغضه للمعصية، فإنه لا يكره العاصي لذاته، وإنما يكرهه لما تلبس به من المعصية؛ قال ابن القيم -رحمه الله- في مشاهد الناس في المعاصي: ... أن يقيم معاذير الخلائق، وتتسع رحمته لهم، مع إقامة أمر الله فيهم، فيقيم أمر الله فيهم رحمة لهم، لا قسوة وفظاظة عليهم. وانظري الفتوى رقم: 14139.
والله أعلم.