الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أن الآية نصها: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا {لقمان:33}، وهي تنفي أن يحمل أحد وزر أحد، ولو كان والدا أو ولدا، قال ابن كثير: أي لو أراد أن يفديه بنفسه لما قبل منه، وكذلك الولد لو أراد فداء والده بنفسه. لم يقبل منه... اهـ.
فلا تعلق لهذه الآية بالشفاعة، بل الشفاعة ثابتة في حق المؤمنين يوم القيامة، فيشفعون في غيرهم ويشفع فيهم غيرهم، ويدخل في هذا كله الوالدان والأولاد، ففي صحيح مسلم أن الله عز وجل يقول: "شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما".
وقد يتكرم الله تعالى فيرفع من كان من الأبناء في درجات دنيا في الجنة إلى الآباء في درجات أعلى في الجنة، وقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ {الطور:21}، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: يخبر تعالى عن فضله وكرمه وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه، أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم بالإيمان، يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه، بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذاك. اهـ.
والله أعلم.