الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاحتيال والنصب أمر محرم شرعا، لكن ليست له عقوبة محددة في الشريعة، وإنما يرجع في تحديد عقوبته إلى اجتهاد القاضي بما يراه معزرا ومؤدبا للمحتال، جاء في الموسوعة الجنائية الإسلامية لسعود العتيبي: عقوبة النصب والاحتيال عقوبة تعزيرية يقدرها القاضي، ويلزم الناصب أو المحتال ضمان أو إعادة ما أخذه من أموال نتيجة نصبه أو احتياله. اهـ.
والتعزير بالسجن والإبعاد ونحوهما جائز، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 138466، 95693، 39720.
وبالتالي، فإن الحكم على المحتال بما ذكر ـ مع تضمينه ـ ليس فيه ما يصادم الشرع، لأنه ليس ثمة حد مقرر، وإنما الأمر راجع لاجتهاد القاضي ـ كما تقدم ـ وعلى ذلك، فإنه لا حرج على والدك في العمل في المجال الذي ذكرت، وعليه أن يؤدي عمله على الوجه المطلوب، ويساهم بحسب ـ طبيعة عمله ووظيفته ـ فيما يحقق العدل ويرد الحقوق لأصحابها ولو كان صاحب الحق مرابيا، بل لو كان كافرا، فلا يجوز ظلمه أو غشه، وعلى المحكمة أن ترد إليه حقه، تطبيقا لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {المائدة:8}.
يقول الطبري في تفسيره: قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: اعدلوا ـ أيها المؤمنون، على كل أحد من الناس وليا لكم كان أو عدوا، فاحملوهم على ما أمرتكم أن تحملوهم عليه من أحكامي، ولا تجوروا بأحد منهم عنه. اهـ.
والله أعلم.