الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على نصحك أخاك، وحرصك على هدايته، ونسأل الله أن يهديه، وأن يعينه على التوبة من هذه المنكرات.
ونوصيك بمواصلة نصحه، وعدم اليأس، ولا يقف النصح على النصيحة المباشرة، ولكن يدخل في ذلك الإحسان إليه، والرفق به، وقضاء حوائجه، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 53349.
ويمكنك أن تذكره بفضل الصبر على المعصية في زمن الغربة، وانظر الفتويين: 43691، 32230.
ولا ننصحك بهجره إلا إذا كان في هجره مصلحة، كأن يرتدع بذلك عن أفعاله القبيحة، فلا بأس بهجره؛ قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: وكل من أظهر الكبائر فإنه تسوغ عقوبته بالهجر، وغيره ممن في هجره مصلحة له راجحة، فتحصل المصالح الشرعية في ذلك بحسب الإمكان. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 58252.
وطالما وجدت فرصة لنصحه، فلا تعدل إلى الهجر، لا سيما وله عليك حق القرابة.
ونوصيك بالصبر عليه، وألا يحملك الغضب من تصرفه على تجاوز حق الله؛ فقد يكون الغضب في مبدئه لله، أو يكون غضبًا للنفس مشروعًا، ثم يتجاوز المؤمن فيه حدّه فيهلك؛ قال ابن رجب -رحمه الله- في جامعه: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه أخبر عن رجلين ممن كان قبلنا كان أحدهما عابدًا، وكان الآخر مسرفًا على نفسه، وكان العابد يعظه، فلا ينتهي، فرآه يومًا على ذنب استعظمه، فقال: والله لا يغفر الله لك. فغفر للمذنب، وأحبط عمل العابد». وقال أبو هريرة: لقد تكلم بكلمة أوبقت دنياه، وآخرته. فكان أبو هريرة يحذر الناس أن يقولوا مثل هذه الكلمة في غضب، وقد خرجه الإمام أحمد، وأبو داود. فهذا غضب لله، ثم تكلم في حال غضبه لله بما لا يجوز، وحتم على الله بما لا يعلم، فأحبط الله عمله، فكيف بمن تكلم في غضبه لنفسه، ومتابعة هواه بما لا يجوز!؟ انتهى.
والله أعلم.