الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظام الذي تقوم عليه شركة المساهمة أن الشركاء لا يتحملون من ديونها إلا في حدود ما ساهموا به؛ فمسؤوليتهم إنما هي في حدود ما دفعوا، ويعاملهم الناس على هذا الأساس.
يقول الشيخ الدكتور/ عبد الله السلمي: أما الشركة المساهمة: فإن النظام فيها أنه لا يحق للدائنين أن يطالبوا الشركاء إلا بقدر حصصهم، فنقول: هذا اتفاق جائز بينهم، وما دام أن الدائن قد تعامل مع هذه الشركة بهذا الاعتبار فهو قد أبطل جزءًا من حقه. هذا أولًا.
ثانيًا: أن الدائن لا يغفل حقه أصلاً؛ لأنه يعتبر دائنًا على أملاك وموجودات الشركة، بحيث لا يحق للشركاء أن ينهوا الشركة ويصفّوها إلا بعد أن يعطوا الدائنين حقوقهم، وإذا كان الاتفاق مبنيًّا على التراضي من غير ربا ولا جهالة ولا غرر فالأصل الجواز، كما أشار إلى ذلك أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- بقوله: والأصل في هذا: أنه لا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه، كما أنه لا يشرع لهم من العبادات إلا ما دل الكتاب والسنة على شرعه. وقال أيضًا -رحمه الله-: الأصل في الشروط اللزوم والصحة إلا ما دل الدليل على خلافه. اهـ.
وعلى هذا؛ فما دام الموظفون قد دخلوا على نظام الشركة القائم على أن مسؤولية المساهم فيها في حدود ما دفع فقط، فليس لهم إلزام المساهمين ومطالبتهم بشيء خارج ذلك، وبالتالي؛ فإن المساهمين غير مسؤولين عن ما تبقى من حقوق الموظفين التي تزيد عن رأس مالهم.
والله أعلم.