الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولًا أن المؤمن في الجنة لا يقتصر نصيبه على حوريتين؛ جاء في مرقاة المفاتيح: قال الطيبي -رحمه الله-: الظاهر أن التثنية للتكرير، لا للتحديد، كقوله تعالى: {فارجع البصر كرتين} لأنه قد جاء أن للواحد من أهل الجنة العدد الكثير من الحور العين. انتهى.
وجاء في المرقاة أيضًا: («لكل رجل منهم زوجتان، على كل زوجة سبعون حُلة») ، بضم حاء وتشديد لام، ولا تطلق غالبًا إلا على ثوبين (يرى) أي: يبصر (مخ ساقها) أي: مخ عظام ساق كل زوجة (من ورائها). أي من فوق حللها السبعين؛ لكمال لطافة أعضائها وثيابها، والتوفيق بينه وبين خبر: «أدنى أهل الجنة من له اثنتان وسبعون زوجة وثمانون ألف خادم» -بأن يقال: يكون لكل منهم زوجتان موصوفتان بأن يرى مخ ساقها من ورائها، وهذا لا ينافي أن يحصل لكل منهم كثير من الحور العين الغير البالغة إلى هذه الغاية، كذا قيل. والأظهر: أن لكل زوجتان من نساء الدنيا، وإن أدنى أهل الجنة من له اثنتان وسبعون زوجة في الجملة، يعني: اثنتين من نساء الدنيا، وسبعين من الحور العين، والله -سبحانه وتعالى- أعلم. انتهى.
والأصل أن ما تمناه المسلم في الجنة حصل له؛ كما بيّنّا في الفتوى رقم: 216193.
ونحن ننصح السائل بدل التعمق، والخوض في نعيم الجنة، وشكله، وطبيعته أن يشغل نفسه بالسعي في تحصيل الجنة، وما يقربه إليها من قول، أو عمل، فذلك المتجر الرابح، والسعي الصالح الذي فيه يتنافس المتنافسون، فالجنة دار السلام، ودار السعادة والنعيم، وليس فيها ذكر، ولا أنثى إلا وهو كريم على الله -عز وجل-، فكل من فيها طيبة نفسه، وصاف قلبه، وراض بالنعيم الذي هو فيه -جعلنا الله وإياك من أهل الجنة-، وراجع الفتوى رقم: 35124.
والله أعلم.