الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلاقة الآثمة مع المتزوجة من أخطر الذنوب، ونسأل الله أن يرزقك توبة صادقة وخلاصاً مما ابتليت به، وإليك هذه الوصايا لعل الله ينفعك بها:
1- تب إلى الله توبة صادقة وأكثر من الاستغفار، قال الله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً [التحريم:8].
2- استعن بالله تعالى واستعذ به مما أصابك، ومن أهم ما يدعى به الدعاء المأثور في صحيح مسلم: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
والدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له: يا رسول الله علمني دعاء أنتفع به، قال: قل اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي ومنيي -يعني فرجه-. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني.
ودعاء الخروج من المنزل الذي أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني، واللفظ لأبي داود: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال حينئذ هديت وكفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان.
3- أن تحرص على البعد عن هذه المرأة، فلا تنظر إليها، وتذكر دائماً قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30].
وقوله تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36].
ولا تدخل عليها في مكان هي فيه امتثالاً لحديث الصحيحين: إياكم والدخول على النساء.
ولا تخلوّنّ معها في بيت ولا في مكتب ولا في سيارة، لحديث الصحيحين: لا يخلون رجل بامرأة. ، وفي مسند أحمد ومستدرك الحاكم: لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما. صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
فاحرص يا أخي على البعد عنها ولو أدى الأمر إلى انتقالك إلى مدينة أخرى، والتحول من عملك في هذا المركز إلى عمل في مؤسسة أخرى، وتذكر أن يوسف عليه السلام فضل السجن على القصر فدعا ربه وقال: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ* فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [يوسف:33-34].
وفي صحيح مسلم أن العالم الذي سأله قاتل مائة نفس عن التوبة قال له: انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.
4- استحضر خطورة الزنا والفواحش، وما يترتب عليها من الأضرار في الدنيا والآخرة، ومن أخطرها مرض الإيدز الذي نراه الآن.
5- استشعر خطورة إفساد المرأة على زوجها، وتذكر الحديث: ليس منا من خبب امرأة على زوجها وعبداً على سيده. أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي.
6- بادر بالزواج بامرأة صالحة واستعفف بها عن الحرام، ففي الحديث: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث أيضاً: من رزقه الله امرأة صالحة فقد اعانه على شطر دينه. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
فالاتصال بالزوجة من أنفع الوسائل في قمع النفس عن الأجنبيات، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه. وقد بوب الإمام النووي لهذا الحديث بقوله: باب ندب من رأى امرأة فوقعت في نفسه إلى أن يأتي امرأته أو جاريته فيواقعها،
7- استر نفسك واكتم هذا عن الناس، لما في الحديث : اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألمّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله.اخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
8- أكثر من ذكر الله دائماً فهو الحصن الحصين من الشيطان، ففي الحديث: وآمركم بذكر الله عز وجل كثيراً، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصيناً فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل. أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني.
9- حافظ على الصلوات المفروضة في جماعة، وأكثر من النوافل، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].
10- أكثر من المطالعة في كتب الترغيب والترهيب، ومن أهمها رياض الصالحين والمتجر الرابح للدمياطي، وفضائل الأعمال للمقدسي والترغيب والترهيب للمنذري.
11- حاول أن تلازم البيئات الصالحة والمساجد ومجالس العلم، وأن تصاحب من فيها من طلاب العلم وأهل الخير، وأن تشتغل بالتعلم والأعمال الصالحة معهم، واهجر مجالس السوء وأصحاب السوء، كما أوصى العالمُ قاتلَ المائة: انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.
وراجع علاج العشق في الفتوى رقم:
9360.
وحاول أن تستسمح الزوج ولا تصرح له بالقضية، ففي صحيح البخاري: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.
والله أعلم.