الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد الإحساس بالتعب والجوع من العمل في إعداد الطعام أو غيره من الأعمال ليس مبررا لعدم قضاء ما على المسلم من صيام رمضان، فإن كانت هذه المرأة تستطيع الصوم في رمضان، فمعناه أنها تستطيع الصوم في غيره، والظاهر ـ والله أعلم ـ أن هذا التعب الذي تجده عند القضاء هو من المشقة العادية التي لا تنفك عنها العبادة غالبا، ولذلك فإنها لا اعتبار لها شرعًا، فيجب على صاحبها القضاء، ولا يصح له الإطعام ما دام يستطيع الصيام ولو مع حصول المشقة العادية، وانظري الفتوى رقم: 34617، وهي بعنوان: قضاء الصوم بين المشقة الفادحة والمشقة العادية.
أما المشقة المعتبرة شرعًا ـ والتي يجوز لصاحبها الفطر وربما وجب عليه ـ فهي المشقة الفادحة، فمن غلبه الجوع أو العطش أو خاف على نفسه أو تلف بعض أعضائه أو حواسه أو حصول مرض أو تأخير برئه فله أن يفطر، لكن يجب عليه قضاء ما أفطر فيه، قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية: وَأما من أرهقه الْجُوع والعطش فيفطر وَيَقْضِي، فَإِن خَافَ على نَفسه حرم عَلَيْهِ الصّيام وإن كان صحيحاً مقيماً؛ لقوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [النساء:29]، ولقوله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة: 286].
ويجوز لهذه المرأة أن تؤخر القضاء إلى فصل الشتاء حين يبرد الزمن وتقصر الأيام، ولا يجوز لها تأخير القضاء بغير عذر حتى يدخل رمضان آخر، ومن فعل ذلك أثم ولزمه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم. وانظري الفتوى رقم: 139858.
والله أعلم.