الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على هذا التحمل، والصبر، ونسأل الله أن يثقل به ميزانك يوم القيامة، فما تقربت المرأة لربها، بعد أداء فرائض الله عليها، بمثل الحرص على طاعة زوجها، وإرضائه؛ لعظم حقه عليها، قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ، دخلت الجنة. أخرجه الترمذي. وفي المسند عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يصلح لبشر أن يسجد لبشرٍ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشرٍ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها؛ من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة، تجري بالقيح والصديد، ثم استقبلته فلحسته، ما أدت حقه.
ونوصيك بمزيد من الصبر، والتحمل؛ حتى تمر هذه السحابة، التي كدرت حياتكما الزوجية، ففي الصبر، والتحمل؛ العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، وقال جل وعلا: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155].
وعليك أن تستعملي مع ذلك ما أرشد الله إليه في قوله عز من قائل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34].
فمقابلة إساءة الزوج بإحسانك إليه، كفيلة -إن شاء الله- بتنبيهه على الخطأ في حقك، ومن هذا أن تكثري من الدعاء، والاستغفار لأمّه بحضرته، وتنوين بذلك الحرص على نفع أمّ زوجك، وبرّ زوجك.
ولا يعني هذا أن زوجك معذور فيما يفعل، فلا شك أن هذا لا يجوز له، وأنه يجب عليه الصبر على فقد أمّه، وأن يحتسب في ذلك الأجر عند الله، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن الله تعالى قال: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة. رواه البخاري.
أما أن يحمله الجزع على فقد أمّه على العدوان على زوجته، أو أولاده، أو الآخرين، فهذا مسلك خطأ، يعود عليه بضرر الدنيا، وعقاب الآخرة، وللأهمية تراجع الفتوى: 2589.
والله أعلم.