الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم شيئا في الشرع يدل على صحة ما ذكر، ولكن من الأمور الشائعة عند الجاهلية، والتي نفاها الشرع ما يزعمونه من أمر الهامة التي تنادي عند رأس المقتول حتى يثأر له، فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى، ولا صفر، ولا هامة.
وفي فتح الباري لابن حجر: وقد ذكر الزبير بن بكار في الموفقيات: أن العرب كانت في الجاهلية تقول إذا قتل الرجل ولم يؤخذ بثأره خرجت من رأسه هامة ـ وهي دودة ـ فتدور حول قبره فتقول اسقوني، اسقوني، فإن أدرك بثأره ذهبت، وإلا بقيت، وفي ذلك يقول شاعرهم:
يا عمرو إلا تدع شتمي ومنقصتي أضربك حتى تقول الهامة اسقوني
ـ قال: وكانت اليهود تزعم أنها تدور حول قبره سبعة أيام ثم تذهب. اهـ.
وفي تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد: قوله: ولا هامة ـ بتخفيف الميم على الصحيح، قال الفراء: الهامة طائر من طير الليل كأنه يعني: البومة، قال ابن الأعرابي: كانوا يتشاءمون بها إذا وقعت على بيت أحدهم، يقول: نعت إلي نفسي، أو أحدًا من أهل داري، وقال أبو عبيد: كانوا يزعمون أن عظام الميت تصير هامة فتطير، ويسمون ذلك الطائر الصدى، وبه جزم ابن رجب، قال: وهذا شبيه باعتقاد أهل التناسخ أن أرواح الموتى تنتقل إلى أجساد حيوانات من غير بعث ولا نشور، وكل هذه اعتقادات باطلة جاء الإسلام بإبطالها وتكذيبها، ولكن الذي جاءت به الشريعة أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تأكل من ثمار الجنة، وتشرب من أنهارها إلى أن يردها الله إلى أجسادها. اهـ.
والله أعلم.