الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحي لا يورث، والتصرف في ماله بغير إذنه لا يصح، فإن أصابه عارض يحول بينه وبين التصرف الصحيح في ماله ويسوغ الحجر عليه، كالجنون، أو العته، أو الغفلة والخرف، أو السفه في إنفاق المال، فلا يسري عليه حكم الحجر إلا بحكم الحاكم أو القاضي الشرعي، وفي حال حكم القاضي بالحجر، فإنه ينصب على أموال المحجور عليه قيما، ويلزم هذا القيم حفظ مال المحجور عليه من التلف والضياع ونحو ذلك، كما يلزمه تنميته، وقيل: يستحب له، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 54950.
ولا بد من مراعاة القيم لهذا الغرض من تنصيبه، وهو الحفاظ على المال من سوء تصرف المحجور عليه أو غيره، جاء في الموسوعة الفقهية: قرر الشارع الحجر على من يصاب بخلل في عقله كجنون وعته حتى تكون الأموال مصونة من الأيدي التي تسلب أموال الناس بالباطل والغش والتدليس، وتكون مصونة أيضا من سوء تصرف المالك. اهـ.
ولذلك لا يشرع للقيم التصرف في مال المحجور عليه إلا بما يعود على المحجور بالمنفعة، جاء في الموسوعة: لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: لا ضرر ولا ضرار ـ وقد فرعوا على ذلك أن ما لا حظ للمحجور فيه كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق والمحاباة في المعاوضة لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به أو ما زاد في النفقة على المعروف أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض، فكان ضررا محضا. اهـ.
وعلى ذلك، فلا يجوز لكم قسم مال أبيكم وهو حي، وإنما تنفقون عليه من ماله ما يحتاج إليه، وتحفظون باقيه، ولا يُحجَر عليه في التصرف إلا بحكم القاضي الشرعي.
والله أعلم.