الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالإعراض عن الوساوس وترك التفكير فيها، وأن تشغلي وقتك عنها بالتعلم والدعوة، وأن تستعيذي من الشيطان، وتشتغلي بالذكر كلما خطرت الوساوس بقلبك.
وقد نص أهل العلم على أن توبة المرتد تكون بإسلامه، فإذا نطق بالشهادتين فقد دخل في الإسلام، إلا أن تكون ردته بسبب جحد فرض ونحوه، فإن توبته حينئذ تكون بالنطق بالشهادتين مع إقراره بالمجحود به؛ قال في زاد المستقنع: وتوبة المرتد وكل كافر إسلامه، بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ومن كفر بجحد فرض ونحوه فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحود به، أو قول: أنا بريء من كل دين يخالف دين الإسلام. انتهى.
وأما الندم فواضح من حالك وإصرارك على الفتوى فيه أنه حاصل، مع أن أهل العلم ذكروا أن من لم يكن مصرًّا على المعصية المعينة، فإن توبته تصح بالتوبة العامة؛ قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: الْإِنْسَان قد يستحضر ذنوبًا فيتوب مِنْهَا، وَقد يَتُوب تَوْبَة مُطلقَة لا يستحضر مَعهَا ذنُوبه، لَكِن إِذا كَانَت نِيَّته التَّوْبَة الْعَامَّة فهي تتَنَاوَل كل مَا يرَاهُ ذَنبًا، لِأَن التَّوْبَة الْعَامَّة تَتَضَمَّن عزمًا عَامًّا عَلى فعل الْمَأْمُور وَترك الْمَحْظُور، وكذلك تَتَضَمَّن ندمًا عَامًّا على كل مَحْظُور ... إِذا عرف ذَلِك، فَمن تَابَ تَوْبَة عَامَّة كَانَت مقتضية لغفران الذُّنُوب كلهَا وَإِن لم يستحضر أَعْيَان الذُّنُوب، إِلَّا أَن يكون بعض الذُّنُوب لَو استحضره لم يتب مِنْهُ لقُوَّة إِرَادَته إِيَّاه، أَو لاعْتِقَاده أَنه حسن لَيْسَ قبيحًا، فَمَا كَانَ لَو استحضره لم يتب مِنْهُ لم يدْخل فِي التَّوْبَة بِخِلَاف مَا لَو كَانَ لَو استحضره لتاب مِنْهُ فَإِنَّهُ يدْخل فِي عُمُوم التَّوْبَة. انتهى.
وأما عن زوجك: فإن كان جاهلًا بتحريم ما فعل وأن الشرع نهى عنه فلا يكفر بفعله أصلًا، فإن حكم الشرع لا يلزم المكلف إلا بعد البلاغ، ولكنه يلزمه التعلم للتوحيد ونواقضه ولأحكام الشرع؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: من دعا غير الله وحجّ إلى غير الله؛ هو أيضًا مشرك، والذي فعله كفر، لكن قد لا يكون عالمًا بأن هذا شرك محرّم، كما أن كثيرًا من الناس دخلوا في الإسلام من التتار وغيرهم، وعندهم أصنام لهم صغار من لبد وغيره، وهم يتقرّبون إليها ويعظّمونها، ولا يعلمون أن ذلك محرّم في دين الإسلام، ويتقرّبون إلى النار أيضًا، ولا يعلمون أن ذلك محرّم؛ فكثير من أنواع الشرك قد يخفى على بعض من دخل في الإسلام ولا يعلم أنه شرك، فهذا ضالّ وعمله الذي أشرك فيه باطل، لكن لا يستحقّ العقوبة حتى تقوم عليه الحجة؛ قال تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 22]. انتهى.
والله أعلم.