الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج أن يغيب عن زوجته أكثر من ستة أشهر -وليس أربعة أشهر- إلا برضاها، ونص الفقهاء على أنها إذا طلبت رجوعه، لزمه ذلك. فإن لم يفعل، كان لها الحق في طلب الطلاق، وللتفصيل نرجو مراجعة الفتوى رقم: 43742.
وقد كان الواجب على زوجتك أن تتقي الله، وتصبر، ولا تقدم على الزنا الذي هو ذنب عظيم، وفاحشة، وساء سبيلا. كما أخبر عنه الرب تبارك وتعالى في كتابه، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 26237، فغيابك عنها لا يسوغ لها الوقوع في الزنا، وكان بإمكانها أن تطلب الطلاق إن شاءت. فالواجب عليها أن تتوب إلى الله توبة نصوحا، وشروط التوبة بيناها في الفتوى رقم: 29785.
واعلم أنه لا يجوز للزوج أن يتهم زوجته بالزنا بغير بينة، بل لمجرد الشك فيها، فهذا منكر عظيم، وليس لك الحق في تكلف البحث عما إن كانت قد وقعت في شيء من ذلك أم لا، أو تهديدها حتى تعترف بذلك، وأخطأت هي حين اعترفت بذلك، فكان الواجب عليها أن تتوب إلى الله، وتستر على نفسها، ولا تخبرك بما فعلت، وانظر الفتوى رقم: 33442
وإن تابت إلى الله، وأنابت، فأمسكها عليك، وعاشرها بالمعروف، ونحسب أنها امرأة خيرة في أصلها، فقد ذكرت التزامها بالحجاب، بل والنقاب، إضافة إلى أنها طلبت منك جمع شمل الأسرة، والعودة إليها، مما يعني حرصها على العفاف، وأنها وقعت فيما وقعت فيه بسبب غفلة استغلها الشيطان، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ {الأعراف:201}. ولا تلتفت بعد ذلك إلى أي خواطر وهواجس، ولكن عليك أن تحرص على أن تكون زوجتك معك حيث تقيم، وأن تحرص على إعفافها، والحيلولة بينها وبين أسباب الفتنة.
وننبهك إلى خطأ هذا التوسع في أمر الخيانة بقولك مثلا: إنها خانت ابنها، وخانت صاحب البيت الذي تقيم فيه....، وما يجري بخاطرك من أوهام عدم الإخلاص، نخشى أيضا أن يكون من كيد الشيطان ليصدك عن زوجتك، فاحرص على الإخلاص لتنال الأجر من الله، ودافع ما سواه، فلن يضرك.
والله أعلم.