الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن تثبيط مريد الإسلام عن الدخول فيه، جرم جسيم، ومنكر عظيم، وقد نص بعض الفقهاء على كفر من فعل مثل ذلك؛ لأن في فعله رضا بالكفر، والرضا بالكفر كفر.
جاء في الإعلام بقواطع الإسلام للهيتمي: ومن المكفرات أيضاً أن يرضى بالكفر ولو ضمناً، كأن يسأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه كلمة الإسلام، فلا يفعل, أو يقول له: اصبر حتى أفرغ من شغلي، أو خطبتي لو كان خطيباً, أو كأن يشير عليه بأن لا يسلم، وإن لم يكن طالباً للإسلام فيما يظهر, وكلام الحليمي الآتي قريباً قد يدل على أن إشارته عليه بأن لا يسلم، إذا كانت لكونه عدوه فيشير عليه بما يكرهه، وهو الكفر، ويمنعه عما يحبه وهو الإسلام لم يكفر، وفيه نظر, والذي يظهر أنه يكفر بذلك، وإن قصد ما ذكر بأنه كان متسبباً في بقائه على الكفر. وليست هذه كمسألة الحليمي الآتية خلافاً لما توهمه؛ لأن تلك فيها مجرد تمنٍ فقط. وهذه فيها تسبب إلى البقاء على الكفر. أو يشير على مسلم بأن يرتد، وإن كان مريداً للردة، كما هو ظاهر, أو يكرهه على الكفر على الأصح، أو يطلب منه أو من كافر الكفر، كما صرح به الإمام حيث قال في يهودي تنصر: ففي قول يطالب بالإسلام, أو العود إلى ما كان عليه, والتعبير عن هذا القول يحتاج إلا تأنق, فلا ينبغي أن يقال هو مطالب بالإسلام، أو بالعود إلى التهود؛ فإن طلب الكفر كفر. انتهى.
تنبيه: ما ذكر في مسألة عدم التلقين، وفي الإشارة هو ما نقله الشيخان في "الروضة" وأصلها عن المتولي وأقره، وهو المعتمد، وبه جزم البغوي. وأما ما في باب الغسل من المجموع، من أن الصواب أنه ارتكاب معصية عظيمة، فضعيف, بل الصواب الأول، كما قاله الزركشي خلافاً لقول الأذرعي، والتصويب ظاهر في ما سوى إشارته بأن لا يسلم, وممن جزم أيضاً بالكفر في ذلك الفخر الرازي .اهـ. باختصار.
والله أعلم.