الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا تلزمك طاعة والدك في الجلوس مع ذلك الصنف من الناس إذا علمت أنهم يفعلون أو يقولون منكرا ولا يكفون عنه إن نهيتهم، وأحرى أن لا تلزمك طاعته في الأخذ بما يقولونه والعمل به، فإن هذا يحرم من باب أولى، وذلك أن الجلوس معهم وهم على تلك الحال منهي عنه شرعا بقول الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ {النساء: 140}.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: في هذه الآية دليل قوي على وجوب تجنب أهل البدع، وأهل المعاصي، وأن لا يجالَسوا... اهـ.
وإذا كانت مجالستهم منهيا عنها شرعا، فإنه لا يطاع الوالد في فعل ما نهى الله تعالى عنه، والله أحق أن يطاع، وطاعة الوالد إنما تكون في المعروف لا فيما نهى الله عنه، وانظر الفتوى رقم: 268837، عن مفاسد مجالسة أهل المنكر والفتوى رقم: 256354، عن طاعة الأم في مجالسة الأقارب الذين يتكلمون في الدين بجهل ومناقشتهم، والفتوى رقم: 219757، عن واجب من جلس في مجلس معصية، والفتوى رقم: 223714، عن واجب من نهى عن منكر ولم يُستَجب له.
والله أعلم.