الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن قسوة القلوب -عياذا بالله- من أفتك الأمراض، وأقتل الأدواء، وهي الحامل على ما ذكرت من الإعراض عن ذكر الله، والاشمئزاز عند ذلك، وهذا من علامات الحرمان -عافانا الله-، كما قال تعالى: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {الزمر:45}. وروى الترمذي من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي.
وأما الأمل في صلاح من هذه حاله، فإنه قائم ولا شك، فإن الهدى هدى الله، والقلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه، يقلبها كيف يشاء، وعلى الداعي إلى الله ألا يمل من تذكيرهم، ومناصحتهم وإن أعرضوا ونفروا، وليتبع في ذلك أقرب الوسائل لاستمالتهم، ويستعين على ذلك بذكر القصص المشوقة، والأخبار النافعة، ولو جعل في كلامه معهم بعض المزاح، أو الدعابة التي لا تخرج عن حد الوقار، ولا تحط من قيمة العلم لأجل استمالتهم واستدعاء إصغائهم، فهو حسن، وليستغل الفرص في النصيحة كحال الموت، والاحتضار، وعيادة المرضى، وزيارة القبور ونحو ذلك، وليكن قدوة صالحة؛ فعسى أن ينتفع الناس بهديه، وسمته ما لا ينتفعون بمقاله. وننصح هنا بمراجعة كتاب: أصول الدعوة للدكتور عبد الكريم زيدان رحمه الله.
والله أعلم.