الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على استقامتك على الحق، وحرصك على العفاف، ونسأله سبحانه أن يزيدك هدى وصلاحا، وأن يرزقك هدوء النفس وطمأنينة البال، ونوصيك بالإكثار من ذكر الله وشكره، فهو القائل تبارك وتعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
وأنت كنت في عافية من كل هذا الضيق الذي أدخلتِه على نفسك بسؤالك زوجك عن سابق حياته، وليس لك ذلك فالاعتبار بما عليه الآن لا بما كان عليه في الماضي، فمن ذا الذي يسلم من الخطأ والخطيئة، قال تعالى عن المتقين: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ {آل عمران:135}.
روى مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده؛ لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم.
وروى أحمد والترمذي وابن ماجه عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.
فيكفي أن يكون قد تاب واستقام حاله، ومن أذنب ـ كما أنه مطالب شرعا بالتوبة ـ فإنه مطالب أيضا بأن يستر على نفسه وإلا لحقه الوعيد الواردة فيمن يجاهر بذنبه، ويمكن مطالعة الفتوى رقم: 33442.
والغيرة أمر طيب، ولكن إن تجاوز بها صاحبها الشرع صارت مذمومة، وراجعي الفتوى رقم: 71340.
وبخصوص الحلف بالطلاق كذبا: فالخلاف فيه حاصل، فالجمهور يقولون بوقوعه خلافا لابن تيمية، فإنه يرى عدم وقوعه، كما أوضحنا في الفتويين رقم: 71165، ورقم: 143245.
وما ذهب إليه ابن تيمية معتبر، فمن كان عنده علم وترجح له قوله، فلا بأس بأن يأخذ به، وكذلك إن كان عاميا وأفتاه بذلك من يثق بعلمه ودينه، وأما الأخذ بذلك لمجرد تتبع الرخص: فلا يجوز، وانظري الفتوى رقم: 134759.
وعلى قول الجمهور بالوقوع، فإن لم تكن هذه الطلقة الثالثة، فلزوجك رجعتك بغير عقد جديد ما دمت في العدة، فإذا انقضت العدة، فلا بد من عقد جديد، وراجعي الفتوى رقم: 30332، ففيها بيان أنواع الطلاق.
والله أعلم.