الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن صلاة الجماعة واجبة على الرجال البالغين على الراجح من أقوال أهل العلم، وليس المسجد شرطا في الجماعة عند جمهور الموجبين لها.
وعليه؛ فلو صليت في بيتك مع بعض إخوانك فقد برئت ذمتك من الواجب، وإن فاتك فضل الذهاب إلى المسجد، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 128394، وأما إن لم تجد من تصلي معه في جماعة فلا عذر لك في التخلف عن المسجد إن كنت بحيث تسمع النداء لو فرض أن المؤذن يؤذن من مكان مرتفع من غير مكبر صوت في الأحوال العادية، فإذا كنت بهذه المثابة وجب عليك أن تأتي المسجد لتصلي فيه مع الجماعة، وإلا لم تجب عليك الجماعة وكنت معذورا في التخلف عنها، وإن كان تجشمك مشقة الذهاب إلى المسجد لإقامة هذه الشعيرة العظيمة فيه من الفضل ما لا يخفى.
قال العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ: الواجب عليك أن تصلي مع إخوانك المسلمين في المسجد إذا كنت تسمع النداء في محلك بالصوت المعتاد بدون مكبر عند هدوء الأصوات وعدم وجود ما يمنع السماع، فإن كنت بعيدا لا تسمع صوت النداء بغير مكبر جاز لك أن تصلي في بيتك أو مع بعض جيرانك؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للأعمى لما استأذنه أن يصلي في بيته: "هل تسمع النداء بالصلاة؟" قال: نعم قال: "فأجب". رواه الإمام مسلم في صحيحه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر، خرجه ابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح، ومتى أجبت المؤذن ولو كنت بعيدا وتجشمت المشقة على قدميك أو في السيارة فهو خير لك وأفضل، والله يكتب لك آثارك ذاهبا إلى المسجد وراجعا منه مع الإخلاص والنية؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل كان بعيدا عن المسجد النبوي وكانت لا تفوته صلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: لو اشتريت حمارا تركبه في الرمضاء وفي الليلة الظلماء ؟ فقال ـ رضي الله عنه ـ: ما أحب أن يكون بيتي بقرب المسجد، إني أحب أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إلى أهلي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد جمع لك ذلك كله. خرجه الإمام مسلم في صحيحه. انتهى.
وليس ذهابك إلى المسجد ورجوعك منه مما يحول بينك وبين التفوق الدراسي، بل هذا من تلبيس الشيطان عليك ليقعدك عن العبادة ويصدك عن الخير، بل طاعة الله والاجتهاد في مراضيه من أعظم أسباب سعادة الدنيا والآخرة، فمما يرجى لك به نيل مطلوبك من التفوق أن تبذل وسعك في طاعة ربك، وتجتهد في مرضاته، ومن أعظم وأجل هذه الطاعات الحرص على صلاة الجماعة، وبخاصة حيث كانت واجبة عليك.
والله أعلم.