الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت كررت لفظ الطلاق متتابعاً ونويت به ثلاث تطليقات فقد وقعت جميعاً، سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده، وبانت منك المرأة بينونة كبرى فلا تحل لك إلا إذا تزوجت زوجاً غيرك ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه، أما إن كنت نويت طلقة واحدة وكررت اللفظ للتأكيد أو لم تنو شيئا فلا تقع إلا طلقة واحدة، قال الخرشي المالكي ـ رحمه الله ـ: ...أو قال: أنت طالق طالق طالق من غير إعادة المبتدأ فإنه يلزمه الثلاث من غير شرط نسق في المدخول بها، وبشرط النسق في غيرها، والمراد بالنسق المتابعة من غير فصل بكلام أو صمات اختياري لا بسعال ونحوه، ومحل اللزوم إن لم ينو التأكيد، فإن نوى باللفظ الثاني والثالث التأكيد فإنه ينفعه ويقبل منه وتلزمه واحدة فقط مدخولا بها أم لا.
وقال ابن قدامة الحنبلي ـ رحمه الله ـ: فإن قال: أنت طالق طالق طالق وقال: أردت التوكيد قبل منه .. وإن قصد الإيقاع وكرّر الطلقات طلقت ثلاثا، وإن لم ينو شيئا لم يقع إلا واحدة لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة فلا يكنّ متغايرات.
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: وإذا قال: أنت طالق، طالق، طالق، تطلق واحدة، ما لم ينو أكثر، وعموم كلامهم: مدخولاً بها كانت أو لا. المنتقى من فرائد الفوائد (ص: 91)
فإن كنت أوقعت طلقة واحدة قبل الدخول وبعد الخلوة الصحيحة، ففي وجوب المهر كاملاً لها وجواز الرجعة في العدة خلاف بين أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 22144، و الفتوى رقم: 242032.
فعلى القول بجواز الرجعة يحقّ لك ارتجاع زوجتك قبل انقضاء عدتها من طلاقك، ولا تتوقف الرجعة على رضاها أو رضا أهلها، أما إذا كانت عدتها من الطلاق انقضت (بثلاث حيضات) فقد بانت منك ولا تملك رجعتها إلا بعقد جديد.
والأولى في هذه المسائل التي فيها تفصيل وخلاف بين أهل العلم أن تعرضوها على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم وورعهم.
والله أعلم.