الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الدعاء ليس جائزا؛ فقد جاء فيه "رب السبع المثاني والقرآن العظيم". والقرآن: كلام الله، وصفة من صفاته، وليس مربوباً مخلوقاً، وقد روى البيهقي في الأسماء والصفات بسنده إلى عِكْرِمَةَ, قالَ : "حَمَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- جِنَازَةً, فَلَمَّا وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي قَبْرِهِ, قَالَ لَهُ رَجُلٌ: اللَّهُمَّ رَبَّ الْقُرْآنِ اغْفِرْ لَهُ, فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: مَهْ, لا تَقُلْ لَهُ مِثْلَ هَذَا, مِنْهُ بَدَأَ, وَمِنْهُ يَعُودُ " قَالَ: تَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ, عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ, وَقَالَ فِي مَتْنِهِ: صَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَلَى جِنَازَةٍ, فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ رَبَّ الْقُرْآن الْعَظِيمِ اغْفِرْ لَهُ, فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ, إِنَّ الْقُرْآنَ مِنْهُ." انتهى.
وعلى المسلم أن يحذر من الأدعية التي في كتب المبتدعة وابتهالاتهم، وأن يُقبل على الأدعية المأثورة، ويسأل الله تعالى بها؛ فإن من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس بالله تعالى، وأحسنهم ثناء عليه، وأنه أوتي جوامع الكلم، فلهذا كانت أذكاره أحسن الأذكار، وهديه أحسن الهدي، فتأكد على الناس اتباعه فيها، إضافة إلى ما في اتباعه من كسب محبة الله تعالى، ورحمته، وغفرانه، وهدايته، قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {آل عمران: 31}، وقال تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {الأعراف: 158}، ويدل لأهمية الاقتداء به في الأذكار: ما ثبت من حرص كبار الصحابة على أن يعلمهم الأذكار؛ فقد سأله أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته، أو في بيته.
ففي الصحيحين عن أبي بكر -رضي الله عنه- أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي؟ قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني. إنك أنت الغفور الرحيم.
والله أعلم.