الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج عنكم الهم، وينفس عنكم الكرب، وييسر لكم الخير حيث كان، وأما سؤالك: فجوابه أن ذمة الشريكين في شركة العقود ذمة واحدة، فكل منهما حميل وكفيل عن شريكه في ديون الشركة، ولصاحب الدين أن يطالب أيّاً منهما بما له على الشركة، ثم يرجع كل شريك على شريكه بما تحمله عنه، قال البابرتي في العناية: إذا افترق المتفاوضان وعليهما دين فلأصحابه أن يأخذوا أيهما شاءوا بجميع ذلك، فإن أدى أحدهما شيئا لم يرجع على شريكه بشيء حتى يزيد المؤدى على النصف فيرجع بالزيادة، لأنها تنعقد على الكفالة بما كان من ضمان التجارة، وحينئذ كان للغرماء أن يطالبوا أيهما شاءوا بجميع الدين.. اهـ.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: يجوز لكل واحد منهما أن يقضي ما ادّاناه، أو ادّانه صاحبه، أو ما يوجب لهما من غصب على رجل أو كفالة، لأن كل واحد منهما كفيل الآخر، فيملك أن يستوفي حقوقه بالوكالة، وما وجب على أحدهما فلصاحب الدين أن يأخذ كل واحد منهما، لأن كل واحد منهما كفيل عن الآخر، وكل واحد منهما خصم عن صاحبه يطالب بما على صاحبه، ويقام عليه البينة، ويستحلف على علمه فيما هو من ضمان التجارة... اهـ.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 59764.
ثم إنه كما أن على المدين أن يوفي صاحب الدين حقه، فإن على صاحب الدين أن يُنظِر المعسر إلى الميسرة، كما قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 280}.
قال السعدي: وإن كان المدين ذو عسرة لا يجد وفاءً فنظرة إلى ميسرة، وهذا واجب عليه أن ينظره حتى يجد ما يوفي به، وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون، إما بإسقاطها أو بعضها. اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 12311.
والله أعلم.