الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليست هذه الورقة من البدع، بل هي من التذكير بالخير، والإعانة على البر والتقوى، فإنها تنبِّه المسلم وتدعوه إلى فضيلة عظيمة، ومثوبة كريمة، وهي الصلاة على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فلكاتبها وناشرها مثل أجر من انتفع بها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء. رواهما مسلم.
ويدل على هذا أيضا قول الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ {يس : 12}.
قال السعدي: وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا ـ من الخير والشر، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم: وَآثَارَهُمْ ـ وهي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرا، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره، أو عمل مسجدا، أو محلا من المحال التي يرتفق بها الناس، وما أشبه ذلك فإنها من آثاره التي تكتب له، وكذلك عمل الشر، ولهذا من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، وهذا الموضع يبين لك علو مرتبة الدعوة إلى اللّه والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك. اهـ.
وقد أحسن من قال:
وما من كاتب إلا سيبلى ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه.
وراجع في ثواب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأفضل أوقاتها، الفتويين رقم: 21892، ورقم: 79701.
والله أعلم.