السبيل الأقوم للسلوك في زمرة المتقين
8-12-2002 | إسلام ويب
السؤال:
كيف يصبح المسلم من الأتقياء ويكون كثير الدمعة عند سماع القرآن ومآسي المسلمين وكيف يصبح المسلم كثير التفكير بألاء الله وكيف يكون التفكر وماهو التفكر ؟
الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التقوى صفة عظيمة ومنزلة رفيعة بها ينجو العبد من عذاب ربه، وبها ينال الدرجات العلى في الجنة، وبها ييسر الله تعالى شأن صاحبها ويجعل له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب.
والتقوى هي أن تطيع الله تعالى بامتثال أمره واجتناب نهيه، فكلما كان الإنسان أكثر طاعة لربه وأشد امتثالاً لأمره وأبعد عن محارمه كانت التقوى بحسب ذلك الامتثال للأمر والاجتناب للنهي، فافعل ما أمرك الله به واجتنب جميع ما نهاك الله عنه، عند ذلك ترتقي سُلَّم الأتقياء وتكون وليًّا من أولياء الله تعالى، القائل: إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ [الأنفال: 34].
والقائل: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62، 63].
فبالتقوى يلين القلب ويخشع، وإذا خشع القلب دمعت العين خوفًا من الله تعالى ورجاء ما عنده، وهنالك أمور تلين القلب ويجعله خاشعًا:
أولاً: تلاوة القرآن بالتدبر والتأمل في آياته والاتعاظ بمواعظه والاعتبار بعبره، إذ هي الغاية من إنزاله، قال تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ [ص:29].
وقال سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2].
ثانيًا: الإكثار من ذكر الله تعالى بالقلب واللسان، قال تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].
وقال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2].
وقال سبحانه: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الزمر:23].
ثالثًا: التفكر في آيات الله الكونية، ومعنى التفكر: التأمل وإمعان النظر، فالتفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين، قال تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:190، 191].
فليتأمل في السماء كيف رفعت، وفي الأرض كيف سطحت، والجبال كيف نصبت، وإلى البحر العظيم وما فيه من مخلوقات الله الباهرة العظيمة، وهكذا التأمل في آلاء الله ونعمه وما سخره الله تعالى لعباده في هذا الكون من نعم وآلاء، قال تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الجاثـية:13].
وقال تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34].
رابعًا: كثرة الدعاء، فإن الله تعالى قريب ممن دعاه، قال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].
وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].
وقال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل: 62].
والله أعلم.