الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيحسن بنا أن نبدأ كلامنا بأمر عام، وهو أنه ينبغي أن تقوم الحياة الزوجية على التفاهم بين الزوجين، والاحترام المتبادل بينهما، ومراعاة كل منهما مشاعر الآخر، فهذا النهج يتيسر به كل عسير، وتتجاوز به كل عقبة، وبذلك يسعد الزوجان، وتستقر حياتهما الزوجية، ويتحقق واحد من أعظم مقاصد الشرع من الزواج في قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.
وههنا أمر آخر وهو أنه يجب على الزوجة طاعة زوجها في المعروف، ولكن لا يخفى أنه ليس من المعروف أن تطيع زوجها فيما فيه ضرر عليها، فالضرر يدفع ويزال؛ ففي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
فإذا كان تقارب مدة الإنجاب ربما ترتب عليه ضرر على المرأة، أو على طفلها، فينبغي مراعاة ذلك، وأن لا يتعنت الزوج ولا يرتضي قطع الإنجاب مدة لمثل هذا الغرض الصحيح؛ وراجعي الفتوى رقم: 173079.
وكذلك الحال فيما يتعلق بأمر تحري المرأة الرشاقة، أو تدليل زوجها، ينبغي لها تحري ذلك ما أمكنها. وما لم يمكن -كما هو الحال فيما يتعلق بأمر السمنة عند الحمل- فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها. ولا يجوز للزوج أن يهجر زوجته لغير سبب مشروع، فللهجر ضوابطه الشرعية، وقد أوضحناها في الفتوى رقم: 71459.
وعلى الزوجة أن تجتهد في أمر خدمة زوجها، فعليها الخدمة الباطنة، وعلى زوجها الخدمة الظاهرة. وراجعي الفتوى رقم: 15416.
وينبغي أن يتعاون الزوجان في أمر رعاية الأولاد، أو في أمر الخدمة في البيت، وهكذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته؛ ففي صحيح البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله. تعني خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
ونوصيك في الختام بالصبر، والدعاء بأن يحقق الله الألفة، والوئام، وأن يجنبكما أسباب الفرقة والخصام.
والله أعلم.