الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذكرنا للخلاف الفقهي بين السلف في مسألة حكم نكاح الزاني ممن زنى بها بعد التوبة والعدة في الفتوى رقم: 246145، لا يعني أننا نرجح القول بالحرمة، بل الراجح في المسألة القول بالجواز، ووجه الترجيح أن الآية الثالثة من سورة النور وهي قول الله تعالى: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:3} لم تفرق بين نكاح الزاني ممن زنى بها وبين نكاحه من غيرها.
وأما ما ذكرته السائلة من ورود قول آخر لأم المؤمنين عائشة ولابن مسعود ـ رضي الله عنهما ـ في المسألة بالجواز فلم نقف عليه، فالخلاف بين السلف في هذه المسألة مشهور، فقد عقد الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه بابين للقولين، بابا للقائلين من السلف بالجواز بعنوان: فِي الرَّجُلِ يَفْجُرُ بِالْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا، مَنْ رَخَّصَ فِيهِ ـ وذكر منهم عمر بن الخطاب وابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ وبابا للمانعين من السلف بعنوان: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ـ وذكر منهم عائشة وابن مسعود رضي الله عنهما، هذا وقد صحح أثري عائشة وابن مسعود الشيخ غلام زكريا في كتابه: ما صح من آثار الصحابة في الفقه: 3ـ 1001ـ ولا يعرف لهما قول آخر في كتب الآثار.
علما بأن اختلاف الفقهاء في بعض صور النكاح بين قائل بالصحة وقائل بالفساد لا يبطل عقد النكاح في نفس الأمر، لأن مذهب العامي مذهب مفتيه اتفاقا، وقد بينا للسائلة صحة هذا النكاح، فلا داعي للتشكك في صحته بسبب الخلاف، فما أكثر مسائل الخلاف!.
والله أعلم.