الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا حرج على الذاكر أن يسبح الله، أو يحمده، ويقول: (عدد ما خلق) أو (ملء كل شيء) أو (عدد كل شيء)؛ فقد ورد في السنة إضافة التسبيح والتحميد لهذه الألفاظ؛ فقد روى النسائي في السنن الكبرى، والطبراني، وابن حبان، وابن خزيمة في صحيحهما – وصححه الألباني - عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَقَالَ: «مَاذَا تَقُولُ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟» قَالَ: أَذْكُرُ رَبِّي، قَالَ: ألَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلَ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِكَ اللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ، وَالنَّهَارِ مَعَ اللَّيْلِ، أَنْ تَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، سُبْحَانَ اللهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، سُبْحَانَ اللهِ مِلْءَ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، سُبْحَانَ اللهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَسُبْحَانَ اللهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ.
وعند الطبراني بلفظ: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتُسَبِّحُ اللهَ مِثْلَهُنَّ.
وأما الاستغفار فلم نجد في السنة إضافة الاستغفار لتلك الألفاظ، كما في التسبيح، والتحميد.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: (هل يجوز أن يقال: أستغفر الله عدد ما خلق)؟
فأجابت بعد ذكرها لحديث شداد بن أوس في بيان سيد الاستغفار: ... فيشرع لكل مسلم ومسلمة أن يحرص على أن لا يفوته هذا الفضل الكبير، والثواب العظيم، وأن يقتصر على ما ورد عن الله، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما الصيغة المذكورة في السؤال، فلا أصل لها بهذا اللفظ، فالأولى تركها؛ لأن الذكر، والاستغفار عبادة لا يصحان إلا بتوقيف. اهــ.
وسيد الاستغفار ورد في صحيح البخاري، وغيره من حديث شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، قَالَ: وَمَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. اهــ.
فاجتهد -أخي السائل- أن تحرص على هذا الدعاء، ففيه الخير والبركة، والغنية عن ألفاظ محدثة.
والله أعلم.