الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يكفي علم الحاكم بالفاحشة ليقيم الحد على العصاة، بل لابد من ثبوتها بشهادة العدول أو بالإقرار، وأما إن لم يعلم غيره فيندب الستر، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: استثني من محل الخلاف بالقضاء بالعلم، صور ـ فذكر بعضها ـ ثم قال: إلا في حدود الله تعالى: كالزنا, والسرقة, والمحاربة, والشرب، فلا يقضي بعلمه فيها، لأنها تدرأ بالشبهات, ويندب سترها... اهـ.
وقال العلامة محمد المواق المالكي في التاج والإكليل: وقال ابن العربي في مسالكه: المشهود به إن كان حقاً لله ولا يستدام فيه التحريم كالزنا وشرب الخمور، زاد أصبغ: والسرقة، فترك الشهادة له جائزة، ولو علم بذلك الإمام فقد قال ابن القاسم: يكتمها ولا يشهد. انتهى.
و قال الإمام المرغيناني الحنفي في الهداية: والشهادة في الحدود يخير فيها الشاهد بين الستر والإظهار، لأنه بين حسبتين إقامة الحد والتوقي عن الهتك، والستر أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم للذي شهد عنده: لو سترته بثوبك لكان خيراً لك. انتهى.
وقال العلامة محمد المواق المالكي في التاج والإكليل: ولابن عات مؤلف الغرر ابن صاحب الطراز: إذا مشت المرأة مع أهل الفساد ثم تأتي أو تساق لم يسع الإمام أن يكشفها هل زنت ويؤدبها ولا يكشفها عن شيء، البرزلي: لأن قصد الشريعة الستر في هذا كقوله: هلا سترته بردائك، وكقوله: لعلك قبلت، لعلك لمست. انتهى.
والله أعلم.