الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان من الخطأ العظيم أن يترك العبد الطاعات بسبب تصوره عن الحور العين أو عدم رغبته في شيء من صفاتهن، فان الطاعة تعبدنا الله تعالى بالقيام بها، فلا ينبغي أن يكسلنا الشيطان عنها بأي سبب.
واعلم أن الله تعالى يعطي عبده المؤمن في الجنة كل ما اشتهاه وتمنته نفسه، كما قال تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {الزخرف:71}. وقال تعالى: وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ {فصلت:31}. وقال عز وجل: وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ {الأنبياء: 102}.
واعلم كذلك أن الله تعالى يزوج المسلم بزوجته التي كانت معه في الدنيا إن كانت من أهل الجنة؛ كما قال تعالى: أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ* جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ. {الرعد:22-23}. وقال في الآية الأخرى: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ. {الزخرف:70}. وقال في دعاء الملائكة للمؤمنين: رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {غافر:8}.
وبعض الرجال في الجنة تكون له أكثر من زوجة واحدة من الإنس.
فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث في وصف أول زمرة تدخل الجنة…. ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وقد نص النووي وغيره على أن هاتين الزوجتين من الإنس وليستا من الحور، فهما امرأتان استحقتا دخول الجنة بفضل الله ثم بما قدمتا من عمل صالح.
هذا، وينبغي للمسلم أن يجتهد في طاعة الله تعالى والتقرب إليه بأداء ما افترض، وبالإكثار من نوافل الطاعات؛ لما في ذلك من الخير الكثير، ونيل محبة الله تعالى للعبد ورضوانه ، وفوزه برؤية الله في الجنة ومعية الأنبياء فيها، فهذا أفضل بكثير من الحور العين. فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا {النساء:69}، وفي الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري: يقول الله تعالى فيه: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه. انتهى.
والله أعلم.