الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستهزاء بالله تعالى كفر مخرج من الملة، ومع ذلك فمن تاب منه تاب الله عليه، قال عز وجل: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ {التوبة: 65ـ 66}.
وهذا يدل على أن منهم من يتوب ويرجع إلى الله، فيقبله تعالى برحمته، قال السعدي: إن نعف عن طائفة منكم ـ لتوبتهم، واستغفارهم، وندمهم. اهـ.
فالإسلام يهدم ما قبله، والتوبة تجبُّ ما قبلها، كائنًا ما كان، ولو كان كفرًا أو ردة، فإن الله تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، قال عز وجل في حق التائبين: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}. وراجع الفتويين ورقم: 121183، ورقم: 206449.
وراجع في شروط التوبة الفتوى رقم: 5450.
وأما قول صاحبك: إنه يريد أن يكفر ويسلم ـ فالظاهر أنه قال ذلك معتقدًا أن توبة الكافر أيسر وأقرب قبولًا من توبته من كان على مثل حاله، ولم يرد الكفر لذاته.
وعلى أية حال، فالواجب عليه هو التوبة من جميع ما مضى، وأن يستقبل أمره بالاستقامة على طاعة الله تعالى، عسى الله أن يبدل سيئاته حسنات، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68 ـ70}.
والله أعلم.