الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله رحيم حليم يحب التوابين ويحب المتطهرين، والندم توبة، كما قاله النبيّ صلى الله عليه وسلم في مسند أحمد بسند صحيح، وإن الله يتوب على من زنت وأجهضت جنينها قبل التخلق إذا صدقت توبتها، وقد قال الله تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ـ بعد قوله: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً { الفرقان:68ـ 70}.
فدل على أن باب التوبة والمسامحة مفتوح على مصراعيه، وعلى السائلة أن تعلم أن إثم الزنا المجمع على أنه كبيرة من كبائر المعاصي أعظم من إثم إجهاض النطفة المختلف في حرمته، وعليها ألا تقنط من رحمة الله ولا تحزن، فإن التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
وللمزيد في تقرير شروط التوبة تنظر الفتويان رقم: 38466، ورقم: 5450.
ونوصيها بأن تنكح رجلا صالحا يعفّها عن الحرام ويعوضها بالولد الصالح ـ إن شاء الله ـ وذلك بعد توبتها من زناها وانقضاء عدتها، وعدة الزانية على الأحوط كعدة المطلقة، وهو معتمد المالكية والحنابلة، كما ذكرناه في الفتوى رقم: 236413.
وليس لها حكم الحامل، لأن الحمل المعتبر انقضاء العدة بوضعه إنما هو ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان ولو كان ميتا أو مضغة تصورت، ولو صورة خفية تثبت بشهادة الثقات من القوابل، كما فصلناه في الفتوى رقم: 76736.
والإجهاض قبل التخلق ليس من باب قتل النفس المحترمة المعصومة المتفق على حرمته، وذلك لعدم التخلق وعدم نفخ الروح في الأسبوع الأول من الحمل، ولذلك لم يجب عليها شيء من الكفارة والدية، كما بيناه في الفتويين رقم: 9332، ورقم: 72503.
وتحريم إجهاض النطفة مذهب الجمهور وهو ماجرت عليه الفتوى عندنا، كما بيناه بالدليل والنقل في الفتاوى التالية أرقامها: 5920، 8781، 2385.
والجواز مذهب الحنابلة وبعض المالكية والشافعية والحنفية، وينظر لمعرفة مذاهب الفقهاء وأدلتهم في مسألة الإجهاض قبل نفخ الروح الفتويان رقم: 65114، ورقم 44731.
والله أعلم.